رامي محمد: الكذب الذي نعشقه - al-jesr

Last posts أحدث المشاركات

الأحد، 28 مايو 2023

رامي محمد: الكذب الذي نعشقه


رامي محمد *

لا يخفى على أحد أن الكذب صفة مذمومة لا يحب أحد أن تلتصق ب، فالكذب محرم في جميع الأديان ، ولكن يؤسفني أن أقول إن للكذب صوتاً يطرب بعض الآذان والقلوب الغافلة، خاصة إذا كان الكذب في مصلحتها.
كان لي صديق في الجامعة وكنا نتسكع معاً، وفجأة أشعل سيجارة وقبل أن يتنفس هواءها الملوث قلت في نفسي لماذا لا أنصحه بالابتعاد عن تلك السيجارة القاتلة، وبالفعل بدأت أتحدث إليه قائلاً:

السجائر.. لم أستطع التكملة ليفاجئني بكلمات محفوظة على ما يبدو لأشخاص مثلي، قائلاً: الكلام الذي سوف تقوله أنا أعمله وفر نصيحتك لنفسك.

قلت له: هل تعلم أنك أكثر ضرراً على نفسك من التدخين، فأنت لم تستطع حتى سماع النصيحة..

لهذا يحب الكثير من الناس أن يستمعوا للكذب المريح، والذي لا يثقل كاهلهم بالمسؤوليات، ومن الغريب أن نجد أشخاصاً تحترف الكذب بشكل لا يُصدق، فلا يحتاج الأمر سوى مجموعة كلمات منظمة مع ذاكرة قوية حتى لا يقع في شرعمله، فالكثير من النساء مثلاً تحب من يعطيها متوسط عمر أقل من عمرها الحقيقي حتى لو بالكذب، وبعض أصحاب المناصب في المنشأت المختلفة يستمتعون بسماع عبارات المديح والنفاق والكذب الصريح عن مدى عبقريتهم الفريدة في حل المشكلات، وحكمتهم البالغة فى التعامل مع الموظفين، لنجد سلسلة طويلة من الأفاقين أصحاب المصالح ينتفعون من مجموعة من محبي الكذب المريح على حساب المجتهدين في تلك المنشآت.

فالكذب دور أتقنه إبليس اللعين لإخراجنا من الجنة، ومازال هذا الدور يتم تمثيله يومياً من الكثير من البشر، امتداداً لوسوسة دنيئة من شيطان رجيم كُتبت عليه اللعنة إلى يوم البعث.

حتى إن بعض الناس يُقسم الكذب إلى قسمين: أبيض، أسود.. وكلها من تزيين الشيطان، لان الكذب واحد.

والمعروف أن الكذب ليس له أقدام كما يقول المثل المصري، ولكن الاشخاص الكاذبين يصرون أن يقفوا عليها.

* كاتب مصري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.