رامي محمد: كيف تصبح شخصاً مثالياً

 

رامي محمد *

منذ خروجنا من بطون أمهاتنا ونحن نبحث جاهدين للوصول إلى المثالية، نريد أن نكون تلاميذ متفوقين طوال فترات الدراسة، ونريد دخول كليات القمة، ونريد أن نلتقي بما نحب في أسرع وقت ونحن صغار السن حتى نتزوج وننجب مبكراً، وبالطبع نطمع في وظيفة مرموقة بأجر مرتفع حتى نشتري الشقة الفاخرة والسيارة الفارهة... إلخ..

وهذا هو المسار العام الذي تسير عليه غالبية عقول الناس، فإذا تعثروا في أية خطوة فإنهم يشعرون بعدم الرضا وبتأنيب الضمير بل وبالاكتئاب أحياناً، لذا تجدهم يخترعون ضغوطاً جديدة عليهم تزيد من أعباء الحياة، وذلك لأننا نفكر كأننا مثاليين، وكأن الله عز وجل لم يرفع عن البشر الخطأ والنسيان، فلا حاجة للبشر بأطباء وعلماء فقط بل نحتاج للمهن الأخرى مهما كانت بسيطة، فهي تيسيرات من الخالق لعباده وتكامل للأدوار في الحياة، فالطبيب الماهر الذي يمكنه إنقاذ حياة مريض في جراحة معقدة قد لا يستطيع إصلاح صنبور الماء المكسور في منزله.. فيا ليت كل شخص على علم بأهمية دوره في المجتمع.

ومن المخجل ما يقوم به البعض عندما يدخلوا في علاقة ارتباط، لتبدأ مرحلة ارتداء الأقنعة المزيفة، فالشاب يجب أن يشتري كل ما هو باهظ عندما يدخل على خطيبته، أما هي فيجب أن ترتدي أفضل ما تمتلك من الثياب، ويجب أن تغير من صوتها وعاداتها وحياتها وكل شيء، كل هذا تحت بند ادعاء المثالية الزائفة، وفي النهاية يقع الزواج، ومن ثم يبدأ كل منهما في خلع الأقنعة والظهور بالمظهر الحقيقي، مما ينذر بفشل التجربة ويؤدي إلى الانفصال الحتمي.

والمثالية أصبحت بمثابة قانون وضعي يسير عليه كل إنسان على حسب طموحاته، والأمر يحتاج منا إلى تغيير طريقة التفكير ليس إلا، ولنعلم أنه لا يوجد شيء مثالي في الحياة، كل شيء ناقص، وهذا النقص هو ميزة إلهية لتكامل البشرية، لكي يكون لنا مكان في ذلك الكوكب المزدحم.

* كاتب مصري