ميرنا محمد مطر: ظاهرة البطالة في الوطن العربي - al-jesr

Last posts أحدث المشاركات

السبت، 20 يناير 2024

ميرنا محمد مطر: ظاهرة البطالة في الوطن العربي

 

ميرنا محمد مطر

ميرنا محمد مطر

تمثل البطالة ظاهرة وقضية رئيسة في العالم العربي، لا سيما في البلدان غير الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي حيث لا يزال عدم الاستقرار السياسي والصراعات النشطة والمخاطر الأمنية في الشرق الأوسط تقوض من واقع التنمية الاجتماعية والاقتصادية، بل المستدامة التي تنشدها الدول في واقع رؤية 2030. هذا بجانب الصراعات القائمة في النظام الدولي سواء الحرب الروسية الأوكرانية أو التوترات بين الصين وتايوان.

في العام 2018، بلغ إجمالي معدل البطالة في الدول العربية 7.3%، مع أكثر من 4 ملايين عاطل عن العمل. كان واحد من كل خمسة شبان وشابات عاطلاً عن العمل في عام 2018 في المنطقة العربية، مقارنة بمعدل بطالة الشباب العالمي البالغ 11.8%. بلغ معدل البطالة بين النساء العربيات أكثر من ضعف معدل البطالة بين الرجال، حيث سجل 15.6% في عام 2018 مقارنة بمعدل الذكور 5.8%. وتبلغ نسبة مشاركة المرأة في القوة العاملة 18.4 في المئة مقابل 77.2 في المئة بين الرجال. المنطقة العربية لديها أعلى معدل بطالة في العالم، خاصة بين الشباب والنساء. يتجاوز معدل بطالة الشباب في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا معدل بطالة أي منطقة أخرى في العالم، بحوالي 25%. مشكلة البطالة في المنطقة العربية هي إلى حد كبير مشكلة بطالة الإناث.

وفقاً لمسح الأمم المتحدة للتطورات الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة العربية، سجلت المنطقة العربية أعلى معدل بطالة في العالم في عام 2022، بنسبة 12%. وقد يكون هناك انخفاض طفيف للغاية في عام 2023 إلى 11.7%، بسبب جهود الانتعاش الاقتصادي بعد جائحة COVID-19. وبلغ معدل بطالة الشباب في المنطقة ذروة 25,9% في عام 2021، وبصرف النظر عن الانخفاض المتوقع بنسبة 1 في المئة، فإن معدل بطالة الشباب في 2022 لا يزال مرتفعا. تواجه النساء في المنطقة العربية مخاطر أعلى بالبطالة، وسجل معدل بطالة الإناث 19.9% في عام 2022، وهو معدل لا يزال مرتفعًا جدًا مقارنة بالرجال.

ويشكل الدور المحدود للقطاع الخاص الرسمي في خلق فرص العمل وانتشار العمالة غير الرسمية عاملين رئيسين يسهمان في ارتفاع معدل البطالة في العالم العربي. ولا غنى عن العمل المتضافر والمنسق فيما بين بلدان المنطقة إذا أرادت تعزيز النشاط الاقتصادي وإيجاد فرص عمل لائقة كافية.


تتعدد الأسباب الكامنة وراء ظاهرة البطالة في الوطن العربي، ويمكن تقسيمها إلى أسباب اقتصادية وأسباب اجتماعية وأسباب سياسية.

أسباب اقتصادية
ضعف النمو الاقتصادي: يُعد النمو الاقتصادي من أهم العوامل التي تؤثر على معدلات البطالة، فكلما زاد النمو الاقتصادي، زادت فرص العمل المتاحة. وتعاني معظم الدول العربية من ضعف معدلات النمو الاقتصادي، مما يؤدي إلى ارتفاع معدلات البطالة.
الاعتماد على قطاعات اقتصادية تقليدية: تعتمد معظم الدول العربية على قطاعات اقتصادية تقليدية، مثل الزراعة والنفط والغاز، والتي لا توفر فرص عمل كافية لقطاعات واسعة من السكان.

عدم مواكبة التعليم والتدريب للاحتياجات سوق العمل: تعاني معظم الدول العربية من عدم مواكبة التعليم والتدريب للاحتياجات سوق العمل، مما يؤدي إلى خلق فجوة بين مهارات العمالة المطلوبة في سوق العمل والمهارات التي يتمتع بها العمال.

البطالة الهيكلية: تُعد البطالة الهيكلية من أخطر أنواع البطالة، وهي البطالة التي تنشأ بسبب عدم تناسب بين مهارات العمالة المتاحة والمهارات المطلوبة في سوق العمل. وتعاني معظم الدول العربية من البطالة الهيكلية، وذلك بسبب التطور السريع لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والذي أدى إلى استبدال العمالة البشرية بالآلات في العديد من القطاعات الاقتصادية.


أسباب اجتماعية
ارتفاع معدلات المواليد: تتميز معظم الدول العربية بارتفاع معدلات المواليد، مما يؤدي إلى زيادة حجم القوة العاملة بشكل سريع، وهو ما يفوق معدلات نمو فرص العمل.
النزوح الريفي إلى الحضري: يشهد الوطن العربي ظاهرة نزوح واسعة النطاق من الريف إلى المدن، وهو ما يؤدي إلى زيادة الضغط على سوق العمل في المدن، حيث تكون فرص العمل محدودة.

البطالة المقنعة: تُعد البطالة المقنعة من أنواع البطالة التي لا يتم تسجيلها في الإحصاءات الرسمية، وهي البطالة التي يضطر فيها العمال إلى العمل في وظائف غير منتجة أو بأجر منخفض. وتعاني معظم الدول العربية من البطالة المقنعة، وذلك بسبب ضعف أنظمة التوظيف والحماية الاجتماعية.


أسباب سياسية
الصراعات والحروب: تعاني العديد من الدول العربية من الصراعات والحروب، والتي أدت إلى نزوح السكان وتوقف الإنتاج، مما أدى إلى ارتفاع معدلات البطالة.
الفساد السياسي: يُعد الفساد السياسي من أبرز العوامل التي تعيق التنمية الاقتصادية، وبالتالي تؤدي إلى ارتفاع معدلات البطالة.

وتجدر الإشارة إلى أن هذه الأسباب تتفاعل فيما بينها، مما يؤدي إلى تعميق ظاهرة البطالة في الوطن العربي.

آثار ظاهرة البطالة

تُعد ظاهرة البطالة من أخطر الظواهر التي تواجه المجتمعات العربية، لما لها من آثار سلبية عديدة على الفرد والمجتمع والاقتصاد.

الآثار الاجتماعية
الشعور بالاغتراب والضياع: يشعر العاطل عن العمل بالاغتراب والضياع، وذلك بسبب عدم قدرته على تحقيق الذات والمساهمة في بناء المجتمع.
زيادة الجريمة والانحراف: تؤدي البطالة إلى زيادة الجريمة والانحراف، وذلك بسبب الإحباط والغضب الذي يشعر به العاطل عن العمل.
المشاكل الاجتماعية والصحية: تؤدي البطالة إلى العديد من المشاكل الاجتماعية والصحية، مثل التفكك الأسري والأمراض النفسية والجسدية.

الآثار الاقتصادية
انخفاض الإنتاجية: يؤدي انخفاض معدلات العمالة إلى انخفاض الإنتاجية الاقتصادية.
زيادة التضخم: يؤدي انخفاض الإنتاجية إلى زيادة التضخم، وذلك بسبب زيادة الطلب على السلع والخدمات مقابل انخفاض العرض.
زيادة العجز في الموازنة: يؤدي انخفاض الإنتاجية إلى زيادة العجز في الموازنة، وذلك بسبب انخفاض الإيرادات الضريبية وزيادة الإنفاق على برامج الحماية الاجتماعية.

الآثار السياسية
زيادة حدة التوتر الاجتماعي: تؤدي البطالة إلى زيادة حدة التوتر الاجتماعي، وذلك بسبب عدم رضا الشباب عن الوضع الاقتصادي.
تزايد مخاطر الاحتجاجات والاضطرابات الاجتماعية: تزيد البطالة من مخاطر الاحتجاجات والاضطرابات الاجتماعية، وذلك بسبب الإحباط والغضب الذي يشعر به الشباب.



الحلول المقترحة للحد من البطالة

تتطلب معالجة ظاهرة البطالة في الوطن العربي جهودًا مشتركة من الحكومات والمجتمع المدني والقطاع الخاص. ومن أهم الحلول المقترحة للحد من البطالة ما يلي:
التركيز على قطاعات اقتصادية حديثة: يجب التركيز على تطوير قطاعات اقتصادية حديثة، مثل التكنولوجيا والصناعة والخدمات، وذلك لتوفير فرص عمل جديدة. بجانب تعزيز الاستثمار المؤثر في هذه القطاعات.

فظاهرة البطالة التي تنخر في أوصال العالم العربي، وتهدد الأمن والسلام الدوليين. فما هي أسباب هذا الوباء الخطير؟ وما هي الحلول الممكنة؟

ومن الأسباب التي تفاقمت معها البطالة، الحدود التي أغلقت أمام العمالة الأجنبية، والتي كانت تشكل مصدر دخل لملايين العرب. ومنها أيضاً، الفجوة بين العرض والطلب في سوق العمل، حيث تخرج أعداد كبيرة من المعاهد والجامعات دون أن تجد فرصاً تليق بمؤهلاتها وطموحاتها، رغم مساعدة الأنظمة في الخليج.

ومن الحلول التي تلوح في الأفق، تشجيع ريادة الأعمال والاستثمار في القطاعات الصغيرة والكبيرة، ودعم الزراعة في الأرياف وتأمين أسواق لمنتجاتها، وتنمية المهارات الحرفية والفنية وغيرها من المجالات التي تحتاج إلى إبداع وابتكار.

ولا يمكننا أن نغفل عن الدور الأكاديمي في مواجهة البطالة، فالتساهل في منح الشهادات والتوسع في فتح معاهد وجامعات غير مؤهلة، يزيد من حجم الأزمة ويخلق جيل من المتعلمين العاطلين.

وختامًا، ندرك أنه لا يمكننا محاربة الفكر المتطرف الذي ينتشر في المجتمعات العربية، دون أن نجد حل لمشكلة البطالة، فهي التي تشعل النار في قلوب الشباب العاطلين، وتجعلهم فريسة سهلة للتجنيد والتحريض. فالبطالة هي وقود محرك العنف والإرهاب، ومن ثم شيوع حالات عدم الاستقرار السياسي وتأثيرها على البُعدين الاقتصادي والاجتماعي اللذان يزيدان من تفاقُم ظاهرة البطالة.

المراجع

https://www.culturespost.com/2023/10/Operation-Alaqsa-Flood-Causes-Consequences-and-Lessons-Learned.html?m=1

https://www.imf.org/external/np/vc/2012/061312.htm?id=186569

https://www.ilo.org/beirut/areasofwork/employment-policy/lang--en/index.htm

https://www.wider.unu.edu/publication/youth-unemployment-arab-world

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.