مازن العليوي: مجتمعٌ في مأزق حضاري - al-jesr

Last posts أحدث المشاركات

الجمعة، 23 فبراير 2024

مازن العليوي: مجتمعٌ في مأزق حضاري

مازن العليوي

سألني صديق ممن يعشقون القراءة: مجتمعٌ يتجاهل المثقفين والمفكرين وينقاد للممثلين والمطربين، هل تعتقد أنه في مأزق حضاري؟

هنا لم تأتِ الإجابة، بل تداعت أسئلة أخرى... ومنها: لماذا لا يكون جمهور السينما النوعية والمسرح الجاد والأمسيات الإبداعية بحجم من يركضون وراء سهرات الغناء؟ لماذا لا يوجد ما يشبه البورصة للمثقفين، فترتفع أسعار إبداعات ومقابلات بعضهم وتهبط تبعاً للإبداع أو النجومية أو للمرحلة العمرية أو التاريخية؟ فالفنانون من مطربين وممثلين لديهم بورصة خفية غير معلنة وجميعهم يعرفها، وهي هائلة لدرجة أدّت إلى كثرة البرامج التي تستضيفهم، وإلى ظهور شركات علاقات مهمتها التنسيق بين الفنان أو الفنانة وهذه الفضائية أو تلك من أجل برنامج ما..

والحالة هنا: الفنان يقبض والسمسار يقبض، والفضائية تدفع لهما وتقبض من المعلِن. لو نظرنا إلى البرامج الثقافية الفكرية على المستوى الفضائي العربي وضيوفها من النخب العربية، لوجدناها لا تكاد تذكر مقابل عدد البرامج الفنية وضيوفها الذين يطلون بالجملة كل يوم وينظّرون ولا يشبعون من التنظير ويتحدثون عن أنفسهم كأنهم ملائكة، وكأن واحدهم ولد كبيراً ناضجاً يمارس دوره التوعوي منذ نعومة أظفاره.. وهؤلاء يتكاثر عددهم في المواسم الخاصة بهم وفي مقدمتها شهر رمضان الكريم حيث يكون الممثلون منهم انتهوا من التصوير، والمطربون ينتظرون العيد لتبدأ حفلاتهم... فيذهبون للفضائيات "يتسببون" بحثاً عن رزق.. ثم يأتي موسم ما بعد رمضان، إلى أن تعلن مواعيد التصوير الجديدة.

أعرف أن فناناً أخذ 20 ألف دولار مقابل مشاركته في أحد البرامج.. ورأيت في مراسلاتٍ أنهم وافقوا على مبلغ 10 آلاف دولار لفنانة كي تشارك في ربع برنامج.. ولذلك قدّرتُ موقفَ إحدى الصديقات المبدعات حين رفضت بدء تصوير حلقة حوارية قبل تحديد مبلغ المكافأة التي كانوا يردون "لهفها" عليها، ولو كانت مطربة لدفعوا لها خمسين ضعفاً وهم يبتسمون.. ووافقتْ الشاعرة برغم ضآلة المبلغ لأنها تحترم كلمتها.

وقدّرتُ كذلك موقفَ مثقفٍ كبير طلبوه لحلقة حوارية في إحدى الفضائيات، فطلب تحديد المبلغ أولاً، مبرراً ذلك بأن الكتابة والفكر مصدر عيشه الوحيد.. والفضائية التي تريد استضافته تربح كثيراً، وتستطيع إعطاءه مقابل عرض أفكاره وتجربته الإبداعية.

ويستمر السؤال: مجتمعٌ يتجاهل المثقفين والمفكرين وينقاد للممثلين والمطربين، هل هو في مأزق حضاري؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.