محمد عوض الجشي
شهر واحد وتتسلم شهادة التخرج.. ترتيب الدرجات مع اترابك... لا بأس به. وظيفتك (مؤمنة) حلمك سيتحقق.. نعم يا بني... هي هي العروسة (ابنة سيد المعازيم) تنتظرك بفارغ الصبر... وستكون من نصيبك الذي يصيبك.
يا ابني.. حمدا لله.. راتب (المَهِية) التي تتقاضاه جراء العمل... يكفي لمعيشة هانئة... انظر، كثير من العائلات والزوجات يعيشون في سعادة وهناء.. وحرمك المصون - كما نعلم - تعيش على (البسكويت) وشوربة الهليون وتوابعها، وكذا قطع من اللحم المحمر إضافة الى بعض السلطات الخفيفة قليل الدهن والسعريات.. وكثيراً من الأحايين تفضل الوجبات والعشاء الخارجي (المغلف جيداً من المطاعم الخارجية الفارهة)... دون شك.. زوجتك المستقبلية هذه سوف تعتاد وتستحوذ على طعام أهل البيت الذي حتماً يضاهي طعام أفخم المطاعم ووجباتها المتنوعة، فأنا أمك الرؤوم سأعلمها الطبخ البيتى الممتاز والصحي السليم، وحتماً هو البديل عن طبخ المطاعم
إذا.. هيا بنا نتقدم إلى مراسيم الخطبة... هل (المَهر) عالي السقف؟ وماذا عن الفساتين والثياب؟ وملابس الخِطبة.... لا شك ستكون من أعلى وأغلى (الماركات)... كما تعلم هي جميلة رقيقة ممشوقة.. نسمات الصيف الندية تغار منها.. وتكاد تحترق من طيفها الأنيق الوديع. حتى إن رحيق الزهور الفواحه، تلازمها أينما حلت وكيفما دارت.. وجهها ضحوك وثغرها ندي، خاصة أنها تمتاز بجمال ابتسامة (غمازتين وديعتين).. بل إن عقود الياسمين التي تطوق جيدها في كل حين تنداح فيئاً وتحناناً...
نعم يا أمي سأهديها أجمل عطر وأرقى رذاذ المزوجة من رحيق الورود المنتشرة في الرباع الخضراء السندسية..... الله الله.. مهرها في اليد مهما غلا.. دون شك سأضع كل ما أجني وأملك في كنف راحتيها... هي الحب والامل وستكون الزوجة الوفية المخلصة.
هيا يا بني.. ها هو أبوك في منتهى الفرح والطمأنينة. هيا.. قمْ واختر أجمل الثياب وبخ من العَطرْ ما ينضح في محياك. واسكب الرحيق على وجهي والديك في تِحنان ووئام.
السلام عليكم.... هلا هلا... شرفتمونا. تفضلوا المعازيم كثر والولائم تترى من طعام وشراب وفرة وكرامة.. العزائم لدينا تكفي لإطعام العشرات العشرات. سبحان الله الجميع على مائدة الكرم والضيافة.. الفروق الطبقية تتلاشى.. هذا بيت الكرم والإكرام.. وإطعام الطعام...
شكراً على دعوتنا.. بورك بكم وفي مَطعَمِكم.. وزادكم ربي من نِعمه وكرمه.
أجل.. تحاور الأبوان معاً.. وخاصة الأم مع الأم.. نعم نتشرف في المصاهرة وعقد القِران.. السباق على أشده.. الابنة.. الكريمة صارت في كنف تاجر كريم وتمت الموافقة المبدئية على الخِطبة... وقراءة (الفاتحة).. شرفتمونا.. وحياكم الله.
عاد الابن والأب والأم يلفح وجوههم صمت مريب وأسئلة تترى تتداخل في الرؤوس وتستشعرها الأذن.. كل يريد أن يصدح في الكلام.. لكن سلبية الموقف وصدمة العواطف أبت أن تتماوج حروف الكَلم عن موضعه.. فجأة... سمع الابن همسات بين الأب والأم.. (أبوطبيخ) ديدنه الولائم والعزائم.. يبدو أن التاجر الذي حضر في الصف الأمامي مع الضيوف. أسرف في (المَهر) أضعافاً مضاعفة... ألا تظن ذلك..؟ نصيب ولدنا لم يَحِنْ بعدْ.. يبدو أن (راتب ابننا الشهري) لا يسمن ولا يغنى من جوع، حِيالْ العزائم الكبيرة الفارهة!
أجل... الطبيخ في بيتنا لم يستوِ بعد... مهلاً مهلاً، آه من الطبيخ.. يا أبا طبيخ.. قالتها الأم جهاراً مراراً على مسمع الجميع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.