وطفة الفرات *
"شسوي وما اشوف عيونك گبالي
اروح المن وما الگاك ذكره بكل كُتر خالي…؟
شسوي وانسه عنوانك..؟
من گد ما امرن بيك
حفضت شخوط بيبانك
اجيبه منين …
ذاك اليترس امچانك..؟ "
من يدلني على روحٍ لم تُحاصرها المسافة؟
من يدلني على ظِلٍ لم يُطعن بخناجر الغياب؟
من يؤنسني في زوايا الأرواح التي أرهقها التَّرحال بين أضلعٍ موصدة… وسماءٍ لا تعترف بالعائدين؟
سئمت جسدي الذي لا يصدِّق الرؤى.
ضِقتُ بعيوني التي لا ترى إلا ما أُذِن لها برؤيته.
أما آنَ للروح أن تَحكم ؟
أن تُدير دفّة السفينة، وتبحر بي إلى ما وراء الحضور؟
مَن لي برفيق.. لا جسد، بل رجع همسة، صُنع من عبير حلم ٍضاع نصفه في مَهد الغياب، ونصفه الآخر مازال ينتظر على حافة المقبرة..
أريدُ أن أقتفي أثر الأرواح المهاجرة التي لم تجد في الموت مأوى ولا في الحياة شِفاهاً تنطق بها وجعها القديم.. أريد أن أناجي الريح لا البشر.. أن أُراسل الغيمات في نوبات جنونها.. أن أُرسل لروحي خطابَ العودة وهي في طور الرحيل.
منذ اليوم… لن أطلب الخلاص من أبواب المدينة، بل من صمت المقابر.. من أزقّة الأرواح المنفية، من الحنين المرهق في خواطر العابرين الذين لم يعبروا يوماً، وسأمدّ يدي إلى اللاشيء.. أعانق طيفاً بلا هيئة، وأُكفّن حلماً لم يُولد، وأُقيم صلاةً للذين "ماتوا وهم أحياء".. للذين قايضوا أرواحهم على أعتاب أوطانٍ لم تتعرّف عليهم.
سأبني معبدي من أنفاس الغياب، وأشعل قناديله من دمع الأرواح الضائعة وسأنقش على جدرانه:
"هنا تسكن الأرواح التي رفضت أن تموت دون أن تُبعث….
هنا يبتدئ الخلود".
* كاتبة سورية، تستخدم اسماً مستعاراً، حسابها على موقع فيس بوك وطفة الفرات
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.