أمل أكرو *
تأتي الحياة بدروس يأبى العقل أن يستوعبها، إذ إنك أحياناً تتحول من شخصية ممتلئة بالمشاعر إلى شخصية خالية من الشعور، تكاد تنفجر من البكاء بسبب انعدام قوة التحمل، وكذلك تنهزم أمام هاته الرغبة كونك الوحيد الذي لا يحق له التعبير عن ضعفه، وأنت الذي أتيت للعالم بكامل قوتك، وكذلك أنت الشخصية التي ينظر لها بإعجاب لتماسكها.
لا يعلمون أنك تبكي وأنت تعانق وسادتك ليلاً، وأنت تصافح ماراً على رصيف وهو ينظر إليك بنظرة حزن على حالك، وكأن عينيه تخبرانك أنه فعلاً يشعر بحالك، لربما هو أيضاً يعاني من الأعراض والمعاناة ذاتها، مواساة متبادلة بمعنى اخر.. أو بسماعك لأغنية، لترى أن الحياة طعنتك بخناجر ظلت بكبدك.
فأمام سرعة الحياة وانشغال المرء بأمورها التي تنتهي، ينسى أن يستمتع بأبسط الأمور التي تحصل معه، سواء إنجازاته أو سعيه نحو أحلامه وآماله برغم انعدام الرغبة، وكذلك الإنجاز الذي يستحق ان يحتفى به كل مرة.. ألا وهو قدرتك على التخطي والتجاوز لكل ما يعكر صفو حياتك من دون التفات.. نضجك العاطفي تجاه الأشخاص واكتمال الاكتفاء الذاتي، الذي هو المكسب الوحيد من التجارب السيئة التي خضتها في حياتك.. ودهاؤك تجاه المخبوء من النيات بفعل شعورك بأن الأمر لا يستحق العناء ولن يكتمل.
مما يحتم عليك إنهاء الفترة التي ترى نفسك الخيار الثانوي في الحياة، وتبدأ مرحلة البحث عن الأنا التائهة في الأعماق، مسيرة لن تجدي نفعاً إن تنازلت عن أهم المبادئ المؤسسة لحياتك، باعتبارها عمود استقرار النفس واستقلاليتها من سيطرة الأغيار غير المشروعة والتعسفية، كل هذا إرهاصات لمعركة بدايتها حزن ونهايتها انتصار، انتصار على المشاعر السلبية وعدم السماح لأي مخلوق بالعبث بكيانك مجدداً.
وجدد إيمانك وتمسك بالحياة عبر خلق الفرص التي تمنحك لذة وسعادة من دون اكتراث لمعايير المجتمع التي صنعتها البشرية التي لا تملك حق التشريع، ولا حق الزجر، كن أنت بكل كيانك واستقلاليتك.. جرد نفسك من كل القيود ولا تعطِ الصدارة لغيرك كونك المعني، والالتزام بشخصنة الأولوية واجب.
* كاتبة مغربية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.