عبدالعليم مبارك |
عبدالعليم مبارك *
تعد الدراما أحد الفنون الإبداعية بامتياز؛ فهي صناعة ثقافية باتت لها ميزانيات ضخمة وتتبناها شركات إنتاج كبرى لإنجاح فكرة هذا العمل الإبداعي، والإنتاج الدرامي العربي لم يكن يوماً بمنأى عن مواكبة مختلف التغيرات والتطورات الحاصلة في المجال الدرامي والإبداعي إذ استطاعت العديد من الأعمال الدرامية الخالدة أن تجسد وقائع وأحداث تحاكي بيئتها وثقافتها إلى حد بعيد.
ولا شك أن العلاقة وطيدة وارتباطية بين كل من المشاهد أو الجمهور وبين العمل الدرامي ككل؛ ذلك أن المشاهد يرى في تلك القصص جانباً من واقعه أو يمنحه حلولاً ورؤى لتساؤلاته أو قد يكتسب منه خبرة للتعامل مع مختلف المواقف المتشابهة بين اللاواقع والواقع، وقد يذهب به الأمر إلى أبعد من ذلك كأن يتقمص شخصية فنية ما يراها تتلاءم مع شخصيته أو حتى مكملة لشخصيته أو تعوض النقص الذي بشخصيته كالإحساس بالحب، الرجولة، الشهامة، حب الخير، الانتقام، الظلم، الجرأة، نصرة المظلوم.
كما أن العمل الدرامي يعد عصارة مجهودات صناعه من طاقم التمثيل مروراً بالطاقم الفني والتقني وصولاً إلى المخرجين والمنتجين؛ إذ يحرص كل حسب مجاله على تفجير طاقاته الإبداعية في هذا العمل قصد خروجه في أبهى حلة، كما لا يخفى علينا العائدات والأرباح التي تجنيها هذه الأعمال الدرامية، والتي قد تكون سبباً لولوج هذا العالم.
ومع سطوة الأعمال الدرامية لهذا العام وتزامنها مع شهر رمضان يتجدد ذلك الصراع الذي أصبح متجدداً ومناسباتياً عن مدى التزام الدراما بقيم المجتمع وبالخصوصية الثقافية للبيئة الباثة إليها!.. بين من يعد أن الدراما اليوم أصبحت تنتهك قيم وثوابت المجتمع، وبين من يرى في الانتقادات المتواصلة من هذا القبيل لها بات يهدد جوهر الدراما والذي هو الإبداع والحرية، ذلك أن الدراما هي قبل كل شيء فن قائم بذاته له أدواته ومتطلباته التي لابد من توافرها تحقيقاً للمتعة وجذباً للمشاهد.
لكنني أتساءل هنا: ألا يمكن أن يحمل العمل الدرامي قيماً فنية إبداعية إلى جانب قيم أخلاقية ومجتمعية تسهم في تكوين الأفراد وتخدم مختلف القضايا المستعجلة؟ لنصبح بذلك أمام قيم مضافة وعمل متكامل يلتقي فيه الإبداع والقيم في بيئة من الحرية المكفولة لمختلف الأعمال الدرامية التي تحمل رسالة وهدفاً.
* كاتب مصري
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.