رامي محمد: القناعة كنز لا يفيد

رامي محمد *

لا يوجد أدنى شك أن لكل إنسان نصيبه في الرزق، وأنه لابد أن يرضى بقسمته أياً كانت، فالخالق هو من يقوم بالقسمة لذا يستحيل أن يظلم أو يجور على أحد من عباده، فلا جدال ولا نقاش في تلك المسألة المحسومة، ولكن إذا كانت تلك القسمة تتعلق بالبشر فالأمر مختلف كلياً.. فنجد بعض القادرين من الناس ممن تمتلئ حياتهم باللهو والترف والبذخ، يتشدقون بشعارات ومواعظ تحث الناس على القناعة والرضا بالقسمة الإلهية، معللين ذلك بأن الله خلقنا طبقات.

والمثير للسخرية قبل الدهشة أن الآلات الإعلامية تدعو الناس للتبرع لبناء كذا وكذا..
فأصبح الفقير وحده هو المطالب بالقناعة والرضا بل والتبرع.

تذكرت الآية الكريمة "أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ ۚ أَفَلَا تَعْقِلُونَ" (الآية 44 سورة البقرة).

عفواً.. هذا كلام لا يعقل وتغييب واضح للعقول وإذلال للفقراء، وهل القناعة أن تبذر كما يحلو لك وتترك غيرك محتاجاً بل وتدعوه للتقشف والاكتفاء بما لديه.

لتذكرني بأية أخرى "تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى" (الآية 22 سورة النجم).

لذا يجب تغيير تلك المفاهيم، كما يجب أن يعلم كل قادر ومسؤول عن غيره من الفقراء أو المحتاجين أن لهم حقاً عليه، وكل ذلك بالقانون، ولكن الكثير من القادرين وخصوصاً رجال الأعمال، والمشاهير في مختلف المجالات يجيدون التنصل من المسؤولية الاجتماعية والأخلاقية.

فالحياة طبقات أغنياء وفقراء ولكننا لسنا داخل غابة، ويجب أن يكون بيننا تراحم وتكافل، حتى لا يزيد الغني ثروة والفقير فقراً، هذا ما لا يقبله عاقل أو حتى مجنون، مما ينذر بعواقب وخيمة وتزداد معدلات الجرائم في المجتمع، وينتشر الحقد الطبقي بشكل لا يمكن توقع نتائجه.

الجدير بالذكر أن هناك من يمتلكون ثروات ليست من حقهم، ممن امتدت أياديهم الى المال العام، والأمثلة كثيرة وفي كل مكان.

في النهاية يجب وضع الأمور في نصابها الصحيح، ومعرفة أن القناعة كنز لا يفنى للجميع، وليست سيفاً على رقبة الفقير المطالب بأبسط حقوقه من مأكل ومأوى، أما من يقول غير ذلك فيجب أن يعلم أن القناعة لن تفيد.

* محاسب وكاتب، مصر