عبدالقادر رالة، قصة: خوف - al-jesr

Last posts أحدث المشاركات

الأربعاء، 9 أغسطس 2023

عبدالقادر رالة، قصة: خوف

 



عبدالقادر رالة *

صمت الشيخ قليلاً... تطلع إلينا فوجدنا نتشوق لأن يُتم حديثه...

ـــ نعم، كما قلتُ لكم يا أولاد أن تخدم الثورة ليس شرطاً أن تصعد الى الجبل، أو أن تطعن عسكري فرنسي أو معمر لئيم في جنح الظلام... وليس ضروريا أن تكون رجلاً بالغاً أو شاباً متحمساً!

كان ذلك سنة 1957... كنتُ طفلاً أبلغ حوالي السبع سنوات أو أقل.. وكنت أتسكع في الشوارع بعد أن أنهيت دروس الشيخ في الكُتاب...

لمحته من بعيد يسرع في مشيه، وثلاث رجال درك فرنسيين يتبعونه، ولما وصل عند منعطف الشارع أبصر جنديين فرنسيين فأبطأ السير، ثم توقف لما انتبها اليه..

أخرج ورقة من جيب سترته ووضعها بسرعة في حذائه...

كان مرعوباً... اقترب منه الجنديان، بينما كان رجال الدرك على بعد خطوات منهم

صفعه احدهم بقوة، ثم بدؤوا يفتشونه، من الخارج الى الداخل، ومن الأعلى إلى الأسفل...

هو يعرف بأني رأيته وهو يخفي الورقة المهمة...

نظر إلي وابتسم فابتسمت بدوري...

حدق فيّ أحد الدركيين وقال لي ساخراً:

ـــ لماذا تبتسم أيها الطفل الصغير؟

فقلت بفرنسية سليمة:

ــ وماذا يستطيع أن يفعل هذا البائس لفرنسا العظيمة؟

تغيرت ملامح الرجل، وخمنت أن دقات قلبه تتسارع.... أمدح فرنسا، وفرنسا لا يمدحها إلا الحركى أو أولادهم!

اقترب مني دركي آخر وسألني:

ـــ ماذا تقصد؟...

فقلت:

ــ فرنسا عظيمة، ومن عظمتها أن تعطف على رعاياها من الأهالي... تعلمت ذلك من التاريخ والكتب... فرنسا كبيرة وقوية ماذا بإمكان رجل بائس مثل هذا أن يفعل؟

واقترب الثالث قائلاً:

ـــ وأي كتب قرأت، لنرى هل هم مؤلفون كبار أم مغمورون؟

تركوا الرجل وتحلقوا حولي، فحاولت إلهاءهم قدر المستطاع، حتى إنهم نسوه..

وربما صدقوا كلامي، واعتقدوا أنه لا يخفي شيئاً بعد أن فتشوه جيداً، فركله أحدهم بقوة، وأمروه أن ينصرف...

فانطلق فرحاً...

* كاتب وقاص جزائري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.