إبراهيم علي المطرود *
كانت صغيرتي تراقب شقيقتها الكبرى وهي تذهب إلى المدرسة.. كتب ودفاتر ولباس مدرسي وأقلام وألوان.. واهتمام ورعاية..
- بابا.. أريد الذهاب إلى المدرسة..
يا سلام.. فكرة رائعة.. وفي خطوة وتعاون من معلمة نبيلة كانت صغيرتي في المدرسة مع شقيتها لكنها طالبة "مستمعة " في الصف الأول الابتدائي، وكانت المدارس النظامية حينها تقبل ذلك.. أردنا أن تداوم في المدرسة فقط.. تتعلم ما تتعلمه.. اهتمت معلمة الصف التي قبلت أن تكون صغيرتي بوجودها عندها.. وفي نهاية الفصل الأول تسلمت جلاء مدرسياً فرحت به.. وفرحنا لفرحها به.. لا أعرف السبب ااذي دفع معلمتها - سامحها الله - لفتور اهتمامها بها وقامت بنقلها قبل نهاية العام الدراسي إلى معلمة أخرى.. لا أعرف اسمها، ولها كل الاحترام والتقدير.
انتهى العام الدراسي.. ولابد من توزيع الجلاء المدرسي.. وكان لذلك اليوم اهتمام خاص به من قبل الأهل.. حيث اللباس الجديد للأطفال، خاصة البنات.. يوم جميل كأنه العيد.. وقد كان لابنتيّ من الاهتمام الكثير.. من اللباس الطفولي الرائع والفرح الكبير.. وتفاصيل من السرور لايعلمه أحد إلا من ينتظره من الأهل والأطفال.
جاء يوم توزيع الجلاء - يوم العيد - انطلقت أنا وابنتيّ إلى مدرستهن ..وهنّ يرتدين لباس رائعا والفرح يملأ قلوبهن .. وصلنا إلى المدرسة وبدأ توزيع الجلاء المدرسي.. الكبيرة - نظامية - استلمت جلاءها وهداياها.. وفرحت وفرحنا وشكرنا معلمتها أيّما شكر.. أما الصغيرة فقد أفادت معلمتها أنه لا يوجد لها جلاء.
أخبرتها: يا سيدتي، إنها في الفصل الأول اسستلمت جلاءً.. وهو شكلي في نهاية الأمر، وقد أعدناه للمعلمة الأولى عندما كانت عندها.. أجابت مع كثير من الاعتذار والألم أنها لم تستلم من المعلمة الأولى أي جلاء، وأنها قد أحضرت لابنتي الصغيرة هدية تفرحها بها..
شكراً "كبيرة" يا سيدتي.
شكراً "كبيرة" يا سيدتي.
ما العمل؟ صغيرتي لم تفهم أنّ معلمتها الأولى سامحها الله مزقت جلاءها الشكلي، ولم تسلمه لمعلمتها الجديدة..
راجعت الإدارة.. والتقيت معاون المدير وتفاهمت معه أن يخبر صغيرتي أن جلاءكِ عند المدير الذي لم يداوم اليوم، وأنه احتفظ به وسيرسله لك إلى البيت مع أبيكِ مرفقاً بالهدايا.. ففرحت بعد أن اغرورقت عيناها بالدموع..
أوصلت صغيرتيّ إلى البيت.. وانطلقت إلى مكتبة المطر واشتريت جلاء مدرسياً جديداً وهدايا مدرسية لها ولأختها الكبرى/. وذهبت إلى مكتب الوكالات في نقابة المحامين آنذاك وملأت الجلاء بالعلامات وأرفقتها بالشهادات الممتازية والتقديرية، وختمت التواقيع بخاتم النقابة.. وإلى البيت، حيث كان الفرح بحجم الفرات.. وغصة في قلبي من معلمة لم تكن برأيي مثالاً للمعلمة النبيلة.
* شاعر وكاتب سوري
* شاعر وكاتب سوري
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.