وطفة الفرات *
"شوصفك وانت روح الماي
وانه شلون فَــي البرتقال زغير
وين اعله النهر يلحگ
يمن طبعك ثلج ويلوذ بيه الصيف
ولو هب البرد بهواك نتمشرگ
أحبك ردتك بكل لون
أذا ابيض
واذا اشگر
واذا اغمگ
يلن لونك مثل لون الچمه العطشان
من شبگات گاعه يصير لونه محّرگ
يگنطار النخل ومنين جبت اللوز
مو بعده النخل والچمر بعده ازرگ؟!
اجر الليل بيد …وبيد اسيّس بيك
حد لگيشك
واغرگ"
مر عام على انبعاثي من رمادي، مذ سكن صوتك حنجرة الوقت في رأسي، وصرت لي قِبلة لا تشير إليها البوصلات بل ترتجف أمامها.
لم يكن صوتك غريباً.. كان كأنني سمعته يوم كانت الأرواح تتعارف في غيب الخلق، أو كأن ناياً قديماً في روحي تذكّر أنينه حين مررت، فانفتح صدري كقصيدة تائهة عثرت على قافيتها.
هل كنتُ أنتظرك؟ لا أدري، لكنني كنت أفتح نوافذي للفراغ كمن يُعد مائدة لوعد لم يُعطَ له، وأخاطب الغياب كمن يعرف أن الحرف سيلبس وجهك ذات لهفة.
صوتك.. كان أول ما أعاد ترتيب الفوضى في رأسي، وأول ما خلع عباءة الحرب عن قلبي، وأول ما نادى أنوثتي باسمها القديم.
كنت وطناً، لا من تراب، بل من نبض، من دفء يجيد التسلل إلى ليل القلب من دون جواز سفر.
وقلبك.. كان قبلتي التي أسجد فيها حين يضج العالم. وكان دفء الشتاء حين تتكاثر علي منافي البشر.. كان مجرتي حين ضاقت بي الأرض، وسماء خامسة لمن ضلوا طريقهم إلى الحياة.
هل كنتَ غريباً؟ بل كنتَ القصيدة التي انتظرتُ عمراً أن أكتبها، وحين كتبتها شعرت أنني أنا التي كُتِبت.
أسألك: كيف لقلب أن يعود إلى صمته، بعدما صار نبضك نشيده؟ كيف لصوتي أن ينطق باسم آخر، بعدما صار اسمك هو المعنى في كل حرف؟
ثم أدركتُ أن اللقاء بك لم يكن مصادفة، بل استدعاءً من مجرّات روحي البعيدة، كأنني حين دعوتُ الله صامتة استجاب لي بك.. كنتَ تشبه الفكرة التي ظننتها مستحيلة، والدهشة التي ما خطر لي أنها ممكنة.. وصرتَ السؤال الذي لم أطرحه، والجواب الذي ما احتجت بعده لشيء.
أحببتك لا لأنك الآخر، بل لأنك أنا في احتمالٍ أجمل.. أحببتك أحببتك كما يحنّ الغيم لظلّه في الماء، لا ليهطل، بل ليكتمل به انعكاس السماء.
فكيف يُشفى من وجدك من كان ناقصاً بك.. كاملاً بك.. هارباً منك.. إليك؟
مر عام.. بل مر عمرٌ، وأنا أتعلم كيف أولَد منك، لا من رحم، بل من رجفة.. وأعلم الآن أنني لم أكن أنتظرك، بل كنت أنتظرني بك.
* كاتبة سورية، تستخدم اسماً مستعاراً، حسابها على موقع فيس بوك وطفة الفرات
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.