نشر الكاتب والمخرج المسرحي السعودي فهد ردة الحارثي على حسابه في موقع فيسبوك، مناقشاً مسألة إطلاق مصطلح "السرد" على بعض النصوص المسرحية، وهنا نص رأيه:
مما اعتاد بعض نقاد المسرح أو حتى المشتغلين فيه قولهم: هذا نص سردي..
كل كلامنا حالة من الحوار السردي والتعاطي السردي في القصة سرد، في الرواية سرد، في حوار المسرح سرد، في السينما وفي الدراما سرديات..
كل كلامنا حالة من الحوار السردي والتعاطي السردي في القصة سرد، في الرواية سرد، في حوار المسرح سرد، في السينما وفي الدراما سرديات..
إطلاق اسم نص سردي على نص مسرحي هو إطلاق للفظ مجمل غير واصح ومطاطي ومراوغ..
ولعل مما شاع في الخطاب النقدي المسرحي، سواء لدى بعض النقاد أو المشتغلين في الحقل الفني، استعمال عبارة نص سردي لوصف نص مسرحي ما. وعلى الرغم من أن السرد بات جزءاً لا ينفصل عن معظم الفنون، فإن إطلاق هذا الوصف على النص المسرحي دون تدقيق يبدو في كثير من الأحيان حكماً فضفاضاً وغير دقيق، بل وقد يوقع القارئ في سوء فهم لطبيعة الكتابة المسرحية ووظائفها.
وبهذا يمكن القول إن كل خطاب لغوي أو فني يحمل شكلاً من أشكال السرد، حتى لو كان سرداً جزئياً أو ضمنياً، وحين يُقال عن نص مسرحي إنه سردي فإن هذا الوصف لا يراعي اختلاف البنية الجمالية والوظيفية للمسرح عن الأجناس الأدبية السردية. النص المسرحي ليس مجالاً سردياً خالصاً، حتى لو احتوى على مقاطع حكائية أو راوٍ أو مونولوجات طويلة.. فهناك دوماً صراع داخلي، فالحوار يدفع فعل الحوار ليصنع الحدث.
إن المسرح المعاصر يعترف بالسرد كأداة، لكنه لا يذيب هويته الدرامية فيه فهناك: مسرح السرد، المسرح الوثائقي، عروض تعتمد الراوي أو شهادات أو مواد حكائية.. ومايذهب إليه فعل مسرح ما بعد الحداثة ومسرح ما بعد الدراما.. لكن حتى هذه الأنماط لا تجعل من النص المسرحي "نصاً سردياً" بالمفهوم الروائي، بل نصاً مسرحياً يوظف السرد كاستراتيجية جمالية ضمن نظام العرض.
والسؤال الآن لماذا يجب التدقيق في المصطلح؟
لأن المصطلحات ليست محايدة. حين نستخدم مصطلحاً غير دقيق فإننا: نربك القارئ والمتلقي.. نخلط بين الأجناس الأدبية.. نخسر القدرة على قراءة النص المسرحي في خصوصيته.. نحاكم النص بمعايير ليست من جنسه.
إن وصف نص مسرحي بأنه سردي دون تحليل يوضح الحالة السردية التي تعيبه يختزل التجربة المسرحية ويختطفها من فضائها الأدائي لصالح منطق الحكي وحده وهو إطلاق فضفاض وغير دقيق، لأنه يغفل الطبيعة الخاصة للمسرح بوصفه فناً قائماً على الفعل والصراع والتجسيد وحالة السردية والشاعرية تأتي دوما في سياق درامي يجعل اللفظ جميلا ويحفز الفعل لحالاته المتعددة.
المطلوب دوماً هو إعادة ضبط المصطلح كي يخدم النقد بدلاً من أن يربكه كي يتيح قراءة المسرحية وفق مصطلح فاعل متفاعل، وليس ضمن أساليب معتادة وفق قاعدة هذا ما وجدنا عليه آباءنا.


ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.