أحمد رشاد *
خابيةُ العطرُ هي هي.. لن يفسدها التاريخ المشوه بـــ.....
ليس في بستانها سوی وردة واحدةً ولكنها ستصنع ربيعاً يتلوه ألفَ ربيع.
لا تلمها.. وحدها في ساحةِ الإعدام شامخةٌ ترفعُ أمنيتها الأخيرة وهم غائبون.
أدمنها الوجعُ كرايةٍ مَزْقَتْهَا الريحُ، وأحاديثُ الغائبين (تَدْبي) بين الأزقةِ تبحثُ عن بُحةَ صوتٍ أليفٍ.
تعلَقَتِ الانكساراتُ علی أسوارِ خيبتها كخيطٌ دخانٍ.
كلما مرَّ بها عابثٌ يلهو بسبابته ويرفعُ أكذوبته رايةً ويُتْبِعُها بنصف شعارٍ.
تثورُ من مخدعها وعلی بابها غانياتان، إحداهما تلفُ خصر َالوالي بفراتٍ وحريق. والأخری تُداعِبُ غُرتَهَا حتی يغفو السلطان.
لا شيء يشبهُهِا سوی وجهها المكسو بغمازتين وقافلةٍ من الابتساماتِ الحائرةِ وشيئاً يشبهُ حبَ الهالِ..
لا ظلّ يلوذُ به من أتعبته الهاجرة، وهو يركضُ خلف سرابها، ونزيفُ الذكرياتِ يحاورُ جداول الكلام.
خابية الماءِ ترشحُ دماً وكراماتِ أولياءِ.. وعلی الضفتين نَما الصفصافُ، وغطَّ في سباتٍ بيّاعُ الأسوارِ والأحلامِ. خانِتِ المفاتيحُ بابَها جُملة وانتظرت اًفواجَ العيّارين.. الزيبقُ يساوم حسن رأسَ الغول.
دليلةُ وشهرزاد وزيزفونة مخذولات يتبادلن "أحاديث العشيات".. و"البازيارُ الجميل" أضاعَ طيرهُ حين ساومه البليخُ علی ما تبقی من "السكّارات".
مرهونةٌ للموت والأسی، هكذا قارة الرعاةُ.. والحالمون بصبحها مازالوا علی الرمال يرسمون شمسه من دون نارٍ ولا نور.
العابرون يتوالون يمكثون وجعاً ثم يمضون كغيمةٍ في آخرِ الصيفِ.
العابرون طريقهم من الخاصرةِ ليس أكثر. ذاك الرذاذُ سيغسلُ كلَّ البقايا والبغايا.
دفتر الذاكرة مُتْخَمٌ بالجلادين.. من هنا مرَّ هولاكو ومضی.. وأسرابُ الجرادِ أحرقتها ابتسامة طفل يلهو علی الشطِ ويرسم جناحين.
مرَّ غورو مزهواً، فشّلت قدمه حين ركلَ القبرَ، وسيمرُ جَمْعُ العابثين.
عابرون كلُّهم عابرون.
* شاعر وكاتب سوري
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.